الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.[سورة الشعراء الآيات: 69- 89]: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْراهِيمَ (69) إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما تَعْبُدُونَ (70) قالُوا نَعْبُدُ أَصْنامًا فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ (71) قالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (72) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (73) قالُوا بَلْ وَجَدْنا آباءَنا كَذلِكَ يَفْعَلُونَ (74) قالَ أَفَرَأَيْتُمْ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (75) أَنْتُمْ وَآباؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (76) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلاَّ رَبَّ الْعالَمِينَ (77) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82) رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (83) وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (84) وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (85) وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ (86) وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (87) يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ (88) إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89)}..الإعراب: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْراهِيمَ} الواو عاطفة واتل معطوف على اذكر المقدرة عاملا في قوله: {وإذ نادى ربك موسى} للشروع في القصة الثانية وعليهم متعلقان باتل ونبأ ابراهيم مفعول به.{إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما تَعْبُدُونَ} إذ ظرف لما مضى من الزمن وهو بدل من نبأ بدل اشتمال فيكون العامل فيه اتل، وقيل منصوب بنبإ ابراهيم أي وقت فوله لأبيه وقومه: ما تعبدون، وجملة قال في محل جر بإضافة الظرف إليها ولأبيه متعلقان بقال ولقومه معطوفة، وما اسم استفهام في محل نصب مفعول به مقدم لتعبدون وجملة ما تعبدون مقول القول.{قالُوا نَعْبُدُ أَصْنامًا فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ} جملة نعبد أصناما في محل نصب مقول القول، فنظل الفاء عاطفة ونظل فعل مضارع ناقص واسمها ضمير مستتر تقديره نحن ولها متعلقان بعاكفين وعاكفين خبر نظل، وفي الكلام اطناب سيأتي في باب البلاغة.{قالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ} هل حرف استفهام ويسمعونكم فعل مضارع وفاعل والكاف مفعول به ولابد من تقدير محذوف أي يسمعون دعاءكم فتكون متعدية لواحد أو يسمعونكم تدعون فتكون متعدية لاثنين وقد قامت الجملة المقدرة مقام المفعول الثاني، وإذ ظرف متعلق بيسمعونكم وهو كما يقول الزمخشري، لحكاية الحال الماضية ومعناه استحضروا الأحوال التي كنتم تدعونها فيها هل سمعوكم إذ دعوتم، وهو أبلغ في التبكيت، وجملة تدعون مجرورة بإضافة الظرف إليها.{أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ} عطف على يسمعونكم.{قالُوا بَلْ وَجَدْنا آباءَنا كَذلِكَ يَفْعَلُونَ} بل إضراب انتقالي تفادوا به الاجابة عن استفهامه وكأنهم وجدوا أنفسهم حقيقة في معزل عن التفكير والمساءلة وانهم لم يرجعوا إلى عقولهم فيناقشوا ما يعبدون، هل يسمع؟ هل ينفع؟ هل يضر؟ وإنما هو مجرد تقليد درجوا عليه دون التأمل في مغابّه أو النظر إلى عواقبه ونتائجه. ووجدنا فعل وفاعل وآباءنا مفعول أول لوجدنا وجملة يفعلون هي المفعول الثاني، وكذلك نعت لمصدر محذوف أي يفعلون فعلا مثل ذلك أو تجعل الكاف مفعولا به مقدما ليفعلون ولعله أولى.{قالَ أَفَرَأَيْتُمْ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ} الهمزة للاستفهام الانكاري المتضمن معنى الاستهزاء والسخرية، وقد تقدم أن رأيتم في مثل هذا التعبير إما أن تكون بمعنى أخبروني فتكون متعدية لمفعولين أولهما اسم الموصول وثانيهما محذوف وهو جملة تقديرها هل هو جدير بالعبادة، وإما أن تكون رأى بمعنى عرف وهي تنصب مفعولا واحدا والمعنى هل تأملتم فعلمتم ما كنتم تعبدون، والفاء عاطفة على محذوف كما قدرناه، وقد تقدمت نظائر كثيرة له في مثل هذا التركيب، وجملة كنتم صلة ما وجملة تعبدون خبر كنتم.{أَنْتُمْ وَآباؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ} أنتم تأكيد للضمير في تعبدون وآباؤكم عطف على أنتم والأقدمون صفة لآباؤكم.{فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ} الفاء تعليلية وإن واسمها وعدو خبرها ولي صفة لعدو والعدو والصديق يجيئان في معنى الوحدة والجماعة، قال:ويروى مرة بالكسر وهي القوة وشدة الجدال والمئرة العداوة.يقول: رب قوم أصحاب قوة عليّ أراهم اليوم أعداء وكانوا أصدقاء.وإلا أداة استثناء ورب نصب على الاستثناء والاستثناء منقطع ولذلك تقدر إلا بمعنى لكن، وفي الآية فن التعريض وسيأتي في باب البلاغة.{الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ} الذي يجوز فيه النصب على النعت لرب العالمين أو البدل أو عطف البيان، أو الرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف أي هو الذي خلقني، وغلط أبو البقاء فأعرب الذي مبتدأ وخبره جملة هو يهدين ولم يتكلم عن الفاء وهذا مردود لأن الموصول معين ليس عاما ولأن الصلة لا يمكن فيها التجدد فلم يشبه الشرط، والصحيح أنها استئنافية وهو مبتدأ وجملة يهديني خبره وحذفت الياء لمراعاة الفواصل.{وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ} عطف على ما سبق وهو مبتدأ وجملة يطعمني خبر.{وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} الواو عاطفة ومرضت فعل وفاعل أضاف المرض إلى نفسه وإن كان المرض والشفاء من اللّه تعالى تأدبا، كما قال الخضر {فأردت أن أعيبها} وقال: {فأراد ربك أن يبلغا أشدهما} وسيأتي مزيد بحث في هذا الصدد في باب البلاغة.{وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ} عطف على ما تقدم وعطف يحيين على يميتني بثم خلاف ما تقدم لتراخي المدة واتساع الأمر بين الإماتة والإحياء في الآخرة.{وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} والذي عطف على ما قبله وجملة أطمع صلة وأن وما في حيزها نصب بنزع الخافض أي في أن يغفر ولي متعلقان بيغفر وخطيئتي مفعول يغفر ويوم الدين ظرف متعلق بيغفر أيضا.{رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} رب منادى مضاف لياء المتكلم حذف منه حرف النداء وهب فعل أمر أراد به الدعاء ولي متعلقان بهب وحكما مفعول به وألحقني عطف على هب وبالصالحين متعلقان بألحقني.{وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ} واجعل عطف على ما تقدم ولي مفعول اجعل الثاني ولسان صدق مفعول اجعل الأول والاضافة من اضافة الموصوف إلى صفته وفي الآخرين حال أي الذين يأتون بعدي إلى يوم القيامة.{وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ} من ورثة مفعول اجعلني الثاني وجنة النعيم مضاف إلى ورثة.{وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ} لأبي متعلقان باغفر وجملة إنه تعليل لطلب الغفران له وان واسمها وجملة كان خبرها ومن الضالين خبر كان.{وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ} الظرف متعلق بتخزني وجملة يبعثون في محل جر بإضافة الظرف إليها.{يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ} يوم ظرف في محل نصب بدل من يوم الأول وهذا يؤكد أنه من كلام ابراهيم، ويجوز أن يكون من كلام اللّه تعالى في هذا اليوم ولا مانع من إعرابه بدلا أيضا أي متعلق بما تعلق به الظرف الأول وجملة لا ينفع مال في محل جر بإضافة الظرف إليها ولا بنون عطف على مال.{إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} يجوز في هذا الاستثناء أن يكون منقطعا أي من غير الجنس ومعناه لكن من أتى اللّه، ويجوز أن يكون متصلا وفيه وجهان أحدهما أن يكون بدلا من المحذوف أو استثناء منه فهو في محل نصب على الوجهين والتقدير لا ينفع مال ولا بنون أحدا إلا من أتى، ويجوز أيضا أن يكون بدلا من فاعل فهو في محل رفع وغلب من يعقل ويكون التقدير إلا مال من وبنو من فإنه ينفع نفسه أو غيره، وجعل الزمخشري من مفعول ينفع أي لا ينفع ذلك إلا رجلا أتى اللّه. وبقلب متعلقان بأتى أو بمحذوف حال أي مصحوبا وسليم صفة لقلب.
|